حظر السفر الأميركي يفاقم خسائر النفط.. ويهدد الطيران العالمي
الاتّحاد الأوروبي يحذّر من مخاطر "إرباك النشاط الاقتصادي"
- برنت وغرب تكساس يهبطان 5%
- تحذيرات من تضرّر شركات الطيران الأميركية
- تهديد مباشر لـ180 ألف برميل يوميا من وقود الطائرات على الأقل
انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي يوم الخميس، في ظلّ تراجع عامّ في الأسواق العالمية، بعد أن فرضت الولايات المتحدة حظرًا على السفر من أوروبا عقب قرار منظّمة الصحّة العالمية إعلان تفشّي فيروس كورونا بأنه وباء.
وبحلول الساعة 0933 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت منخفضًا 1.84 دولارًا أو ما يعادل 5.14 بالمئة إلى 33.95 دولارًا للبرميل، وهو ما يزيد قليلًا عن مستويات متدنّية بلغها في وقت سابق. وانخفض عقد خام برنت نحو أربعة بالمئة يوم الأربعاء. وهبط الخام الأميركي 1.65 دولارًا أو ما يعادل 5 بالمئة إلى 31.33 دولارًا للبرميل، بعد أن نزل أربعة بالمئة في الجلسة السابقة. والخامان القياسيان منخفضان نحو 50 بالمئة عن مستويات مرتفعة بلغاها في يناير (كانون الثاني)، وسجّلا يوم الإثنين أكبر انخفاض في يوم واحد منذ حرب الخليج عام 1991 بعد انهيار اتّفاق أوبك+.
واتّسع فارق السعر بين أسعار برنت في الأجل القريب وفي الأجل الأطول، ليسجّل أكبر فارق في خمس سنوات، ممّا حفّز المتعاملين على ملء الخزّانات بالنفط بغرض تخزينه للتسليم في وقت لاحق، بينما يراهنون على أن الأسعار سترتفع.
كما تراجعت الأسهم العالمية الخميس بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: إن الولايات المتحدة ستعلّق السفر من أوروبا، فيما كشف عن تدابير لاحتواء تفشّي فيروس كورونا. وقال اتّحاد بقطاع الطيران الأميركي: إن حظر السفر -الذي يستثني بريطانيا- سيُلحق الضرر بشركات الطيران الأميركية.
ويعني التحرّك المفاجئ -على الأرجح- تسجيل هبوط آخر في الطلب على وقود الطائرات وأنواع أخرى من الوقود في سوق نفط متضرّرة بالفعل، على الرغم من صعوبة تحديد حجم الضرر.
ولحقت الإمارات بالسعودية في الإعلان عن خطط لزيادة إنتاج النفط بعد انهيار اتّفاق بين أوبك وروسيا ومنتجين آخرين، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، لكبح الإمدادات ودعم الأسعار. وقالت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وهي شركة النفط الوطنية في الإمارات: إنها تخطّط لزيادة مبيعات الخام إلى ما يزيد عن أربعة ملايين برميل يوميًا، وتسريع مسعى لزيادة الطاقة الإنتاجية بمقدار الربع إلى خمسة ملايين برميل يوميًا.
وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية ومنظّمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) توقّعات طلب النفط بسبب تفشّي فيروس كورونا، وتتوقّعان حاليًا انكماش الطلب في الربع الجاري.
- تذمر أوروبي:
ومن جانبه، أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الخميس: إن الاتحاد الأوروبي سيعمد إلى تقييم حظر السفر من أوروبا الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مضيفًا أنه "يجب تجنّب إرباك النشاط الاقتصادي".
وتغريدة ميشال -الذي ينسّق تحرّك قادة دول الاتّحاد ال27- تأتي عقب قرار أعلنه ترامب ليلًا بتعليق الرحلات من أوروبا - باستثناء بريطانيا التي لم تعد عضوًا في الاتّحاد - إلى الولايات المتّحدة لثلاثين يومًا، سعيًا لوقف انتشار فيروس كورونا المستجدّ.
وأضاف ميشال: "بعد حظر السفر الذي أعلنه ترامب، سنعمد إلى تقييم الوضع اليوم". وأكّد ميشال أن "أوروبا تتّخذ كلّ التدابير الضرورية لاحتواء انتشار فيروس كوفيد-19 وحصر أعداد المتأثرين به ودعم الأبحاث".
وسيبدأ تطبيق قرار ترامب من مساء الجمعة. وقال البيت الأبيض: إن الحظر سيشمل الرعايا والمواطنين غير الأميركيين ولن يطبّق على السلع. وبحسب آخر الأرقام التي نشرها المركز الأوروبي لمنع الأوبئة والوقاية منها الأربعاء، سُجّلت أكثر من 17 ألف حالة إصابة بالفيروس في أنحاء أوروبا، أكثر من نصفها في إيطاليا، و711 وفاة مرتبطة بكوفيد-19.
- تهديد عنيف لقطاع الطيران:
وقد تم إلغاء عشرات الآلاف من الرحلات الجوية منذ أزمة فيروس كورونا وحتى الآن، كان آخرها بسبب منع الرئيس الأميركي لأي شخص قادم من منطقة الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة لمدة ثلاثين يوميا، الأمر الذي أدى إلى الغاء المزيد من الرحلات بين أوروبا والولايات المتحدة.
وانخفاض عدد الرحلات الجوية يخفض استهلاك الوقود، الأمر الذي يخفض الطلب على النفط. وتتوقع شركة "ريستاد إنرجي" الاستشارية انخفاض الطلب العالمي على وقود الطائرات بمقدار 16% مقارنة بالعام الماضي. ووفقا لـ"بلومبرغ"، فإن قرار ترامب بمنع الانتقال الجوي من الاتحاد الأوروبي سيخفض الطلب على وقود الطائرات بمقدار 180 ألف برميل يوميا. كما أن حظر الهند قدوم الأجانب إليها سيخفض الطلب على وقود الطائرات بمقدار 50 ألف برميل يوميا.
ومن إلقاء الضوء على حجم استهلاك الطائرات للوقود، فإن طائرة "بوينغ 737" على سبيل المثال تستخدم في المتوسط حوالي 3 آلاف لتر من وقود الطائرات في الساعة، علما أن هذه الطائرات تستخدم في الرحلات المحلية والإقليمية، والتي كان أغلبها في الصين. أما طائرة "إيرباص 330 إ- 200 إي" فأنها تحرق حوالي 6.2 ألف لتر في الساعة، فيما تستهلك "طائرة بوينغ 747" في المتوسط حوالي 10 آلاف لتر في الساعة. بينما تستهلك طائرة "777 طراز 220 إل آر" حوالي 8 آلاف لتر في الساعة، وطراز "300 إي أر" يستهلك حوالي 9 آلاف لتر في الساعة، وهذا النوع من الطائرات هو الأكثر شيوعا في الرحلات الدولية الطويلة، وهي التي تأثرت في قرار ترامب الأخير أيضا.
ومع انخفاض عدد الرحلات انخفضت أسهم شركات الطيران بشكل كبير، الأمر الذي جعل بعض الخبراء والمحللين يعتقدون أن عددا من الحكومات الآسيوية والأوروبية، وحتى الإدارة الأميركية، ستقوم بتقديم أعانات لشركات الطيران لمنعها من تسريح العمال والموظفين؛ أو حتى من الافلاس.
ومن الواضح أن مشكلة خطوط الطيران بسبب انخفاض عدد المسافرين الناتج عن فيروس كورونا كبيرة، لأن الانخفاض الشديد في أسعار النفط، وبالتالي وقود الطائرات، لن ينفعها في شيء... بل إن ما تريده هو الإيرادات من بيع المقاعد للمسافرين، وإذا لم يتواجد مسافرين، فلن توجد إيرادات.