ثار جدل كبير حول مسألة الغاز الصخري في الجزائر، وسط اتهامات وصلت إلى مرحلة "التخوين" بشأن جدواه وإمكان الاستفادة منه.
وفي هذا السياق تطرّق رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، في أول مقابلة إعلامية له، مساء الأربعاء، إلى قضية الغاز الصخري، التي كانت محل جدل كبير، نظرًا إلى الرفض الشعبي الذي صاحبها حين عمدت السلطة في مدة حكم بوتفليقة إلى إطلاق عمليات استكشاف لهذ النوع من الطاقة في الصحراء الجزائرية وبالضبط في عين صالح.
رئيس الجمهورية قال إن الغاز الصخري في الجزائر ضروري، مذكرًا برد الفعل السلبي لمواطني عين صالح، معتبرًا أن استغلال الغاز الصخري تطوّر في الولايات المتحدة، إذ توجد بين الفيلات هناك آبار للغاز الصخري.
ولم يفوّت تبون الفرصة، ليؤكد أن "أول تجربة لنا كانت غلطة، إذ لدينا صحراء شاسعة، لكن ذهبنا إلى عين صالح"، معتبرًا أن "قرار استغلال هذا الغاز جاء فجأة، ولم نحضر المواطنين لذلك لتبدأ التأويلات وحتى الشعوذة".
ويؤكد الرئيس قائلًا: "سنقيّم التجارب بهدوء، وهذه أمور تهم الاختصاصيين، ولا بد أن تتأكد كل أطياف الشعب أن هذه ثروة مدفونة، وإذا أردنا رفع المستوى المعيشي فلا بد من استغلال هذه الثروة. استغلال الغاز الصخري يحتاج إلى نقاش وطني وليس انفرادًا بالرأي، وثروة منحك إياها الله -سبحانه وتعالى- لماذا تحرم نفسك منها؟".
وذكر الرئيس أن منطقة شناشن الموجودة بين تندوف وأدرار عبارة عن محيط من الرمال وخالية من السكان، وباطنها يحتوي على كمية كبيرة من الغاز الصخري، مضيفًا: "لدينا إمكانات لنستغل هذا الغاز، وسنتكلم في الموضوع بعد أن نتجاوز المرحلة الحالية، ولما ندخل في بناء الاقتصاد وتمويله".
ما الغاز الصخري؟
الغاز الصّخري (بالإنجليزية: Shale gas) هو غاز طبيعي ينشأ داخل الصّخر الزيتي، أو ما يُعرف بالسّجيل الزّيتيّ، وهو طين عضويّ دُفن قبل مئات ملايين السّنين في قيعان البحار القديمة، ثم تراكمت فوقه الرّسوبيات، وبفعل الضّغط والحرارة تحوّل الطّين إلى صخر زيتي، وتحولت المواد العضويّة بداخله إلى غاز.
وتوجَد الصّخور الزّيتيّة تحت عمق يزيد على 1500 متر، ورغم وجود بعض الغاز الصّخري في صخور مساميّة، وإمكان الحصول عليه عن طريق الحفر التّقليدي؛ فإنّ معظم كمية الغاز الصّخري تكون داخل صخور المصدر، وهو ما يتطلّب عمليات حفر للوصول إليها، ثم تكسير الصّخور للوصول إلى الغاز الصّخري.
ثالث أكبر احتياطي في العالم
كانت الندوة الأممية للتجارة والتنمية قد كشفت، في تقرير لها أعدته منتصف العام الماضي، أن الجزائر تحتوي على ثالث أكبر احتياطي عالميًا من الغاز الصخري الممكن استرجاعه تقنيًا، حسب صحيفة البلاد.نت.
وذكر التقرير أن الموارد العالمية الممكن استرجاعها تقنيًا من حيث الغاز الصخري تبلغ ما يعادل 214.5 تريليون متر مكعب، أي ما يكفي لـ61 سنة من الاستهلاك العالمي.
كما تؤكد الدراسة أن الجزائر تأتي في المرتبة الثالثة من حيث احتياطي الغاز الصخري القابل للاسترجاع بعد كل من الصين والأرجنتين.
وتملك الدولة وحدها ما يُقدر بـ707 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الصخري في الجزائر، أي بنسبة 9.3% من الموارد القابلة للاستخراج تقنيًا في العالم، وهي نسبة تمثّل أكثر من نصف ما تملكه أفريقيا.
لا خطر على المياه الجوفية
تشرح ندوة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن خطر تلوث المياه الجوفية جراء عمليات التصديع الهيدروليكي قد يكون طفيفًا بالنظر الى عدد العمليات المنجزة، إذ إن التصديع الهيدروليكي يقام عمومًا في أعماق تبلغ العديد من الكيلومترات في حين تقع المياه الجوفية قريبًا من السطح.
وقدّمت أمثلة عن مواقع بارنيت ومارسيلوس في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية وأين يُستخرج الغاز في عمق يتراوح ما بين 1.300 و4000 متر، في حين تقع المياه الجوفية ما بين 120 و360 مترًا.
سلاح إستراتيجي
إن كان البعض يثير المخاوف بشكل كبير من مخاطر استغلال الغاز الصخري في الجزائر، فإنه يُعد مصدر قوة للدول التي تمتلك احتياطياته، كما أنه سلاح إستراتيجي يُستغل في السياسة.
وحول هذه القضية، يقول الخبير الاقتصادي عبدالرحمان عية، إن الغاز الصخري "مصدر طاقة، ويمكن استخراجه أو التلويح به من أجل تبيان استمرار القدرات الطاقوية للزبائن، كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا".
وأضاف "البترول انتقل من كونه مصدر طاقة إلى آلية تستخدم بوصفها سلاحًا إستراتيجيًا.. هناك بدائل طاقوية اليوم، فمثلًا بعد ضرب المنشآت الطاقوية في السعودية قال الرئيس الأمريكي ترامب إننا لسنا في حاجة إلى بترول الشرق الأوسط، ولم ترتفع الأسعار كثيرًا، لأن أميركا كانت تمتلك بدائل أخرى منها الغاز الصخري"، وختم بالقول: "الغاز الصخري يُستغل -حاليًا- في القضايا الجيوسياسية أكثر منه مصدرًا للطاقة".