تكنولوجيا جديدة تساعد شركات النفط على توفير النفقات
تعمل شركات النفط الكبرى مثل “شتات أويل” و “شل’ و “شيفرون” على تجربة تكنولوجيات مختلفة من الطائرات بدون طيار وتصميمات الحفر إلى إدارة البيانات وذلك من أجل خفض التكاليف واجتياز فترة التراجع الحاد في سوق النفط.
فمنذ منتصف 2014 انخفضت أسعار النفط الخام بأكثر من النصف الأمر الذي اضطر الشركات لخفض التكاليف بمليارات الدولارات.
ولأن الشركات عازمة على عدم المساس بتوزيعاتها النقدية والمحفاظة على البنية التحتية التي ستسمح لها مستقبلا بالمنافسة وبالنمو إذا ما استردت السوق عافيتها فقد أصبحت تتطلع بشكل متزايد لاستخدام التكنولوجيات والتصميمات المتقدمة من أجل تحقيق وفورات.
وكشفت شركة “توتال” الفرنسية للنفط والغاز إنها تستخدم الآن طائرات بدون طيار لتنفيذ عمليات تفقد تفصيلية لبعض حقولها النفطية في أعقاب تجربة أجريت على منصاتها البحرية إلجن/فرانكلين في بحر الشمال.
ولفتت شركة سايبرهوك للطائرات من دون طيار التي أدارت التجربة إن هذا النوع من الأعمال كان مهندسون ينفذونه من قبل وهم مربوطون بحبال على ارتفاعات عالية.
وأضافت أن هذه العملية كانت تتطلب سبع رحلات منفصلة مدة كل منها أسبوعان بفريق مؤلف من 12 فردا يتم نقله جوا وتهيئة الموقع لإقامته فيه، أما الطائرات بدون طيار فتنجز هذا العمل في يومين بعشر التكلفة تقريبا وفقا لتقدير “مالكوم كونولي” مؤسس الشركة البريطانية الذي قال إن الشركة نفذت أعمالا أيضا مع شركات “إكسون موبيل” و “شلط و “كونوكوفيليبس” وBP.
وامتنعت “توتال” عن التعليق على طول المدة التي كان المهندسون يستغرقونها في إنجاز الأعمال المطلوبة أو تحديد حجم ما تحقق من وفر.
ويمثل حقل يوهان سفيردروب العملاق التابع لشركة “شتات أويل” وهو أكبر حقل نفطي يكتشف في بحر الشمال منذ نحو 30 عاما مثالا بارزا على خفض التكاليف في عصر النفط الرخيص. ومن المقرر أن يبدأ انتاج هذا الحقل عام 2019.
وقد خفضت الشركة النرويجية تكاليف تطوير المرحلة الأولى من المشروع بمقدار الخمس مقارنة بالتقديرات الموضوعة في أوائل 2015 لتصل إلى 99 مليار كرونة (12.2 مليار دولار).
وأشارت رئيسة قطاع التكنولوجيا في “شتات أويل” مارغريت أوفروم إن هذا الوفر تحقق إلى حد كبير من خلال التركيز على أكفأ التكنولوجيات والتصميمات من البداية.
ويشير مديرون تنفيذيون الى أنّ الاهتمام المتزايد بالتكنولوجيات الموجودة منذ فترة يبين مدى الإهدار الذي كانت الصناعة العالمية تعاني منه في السنوات التي سبقت انخفاض الأسعار. فعندما كانت أسعار النفط الخام أعلى من 100 دولار للبرميل وتحقق أرباحا وفيرة لم يكن لدى الشركات حوافز تذكر للعمل على تطوير الحقول بدرجة أعلى من كفاءة الأداء.
وعلى سبيل المثال تشدد “شتات أويل” على إن مجرد إيجاد مسار أفضل لخط أنابيب النفط الذي سينقل الخام من حقل سفيردروب إلى مصفاة التكرير على الشاطئ خفض التكاليف بمقدار مليار كرونة.
أساليب جديدة
كما طورت الشركة النرويجية طريقة للحفر تستخدم كدليل في حفر الآبار الثماني الأولى في الحقل، ولفتت الى أنها قللت وقت الحفر الإجمالي بأكثر من 50 يوما الأمر الذي وفر نحو 150 مليون كرونة عن كل بئر انتاجية بالمقارنة مع التكاليف القائمة على أساليب الحفر لعام 2013.
وفي هذا السياق توضح “أوفروم” أنّ “أكبر عامل في تحقيق الوفر وبفارق كبير كان التبسيط. أي التفكير بقدر أكبر من البساطة والبدء بالأساسيات ثم الإضافة إليها بدلا من البدايات الكبيرة جدا”.
ولم تستطع الشركة تحديد رقم لما تحقق على المستوى العام من وفورات بفعل استخدام التكنولوجيا والتصميمات المحسنة، لكنها أشارت الى أن المشروعات التي من المقرر أن تبدأ الانتاج بحلول عام 2022 ستتمكن من تحقيق ربح إذا كان سعر النفط 41 دولارا للبرميل انخفاضا من 70 دولارا للبرميل في عام 2013 وذلك بفعل عوامل من بينها مثل هذه الابتكارات.
وتؤكد وكالة الطاقة الدولية أن الإنفاق في قطاع المنبع -أي التنقيب والانتاج- في مجال النفط والغاز انخفض بأكثر من 300 مليار
دولار عموما في 2015-2016 أي ما يعادل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي السنوي لجنوب أفريقيا، وأن ثلثي هذا المبلغ مصدره تخفيضات في التكاليف لا إلغاء مشروعات.
تنظيف الأنابيب
فعلى سبيل المثال طورت شركة “شل” نوعا جديدا من الأنابيب لنقل النفط والغاز من حقل ستونز في المياه العميقة في خليج المكسيك لمعالجته.
وينثني هذا النوع من أنابيب الصلب لامتصاص حركة مياه البحر والمنصات العائمة وتقول الشركة إن ذلك رفع مستوى الانتاج في الأعماق الكبيرة.
ولم تستطع الشركة أن تحدد مدى الزيادة في الكفاءة التي تحققت من هذه الأنابيب لكنها قالت إن الابتكارات الجديدة في حقل ستونز لعبت دورا بارزا في خفض التكاليف بمقدار 1.8 مليار دولار في شعبة المشروعات والتكنولوجيا العام الماضي أي ما يعادل الأرباح الأساسية لقطاع المنبع في عام 2015.
وقد أدى انخفاض أسعار النفط إلى تطبيق أساليب هندسية جديدة أخرى.
وتستخدم “شيفرون” جهازا آليا لإنجاز عملية تنظيف أنابيب النفط من الداخل وتفقدها في حقل ارسكين ببحر الشمال بشكل أسرع.
وساهم هذا التحسن في زيادة معدل الإنتاج اليومي بالحقل إلى أعلى مستوياته في عامين.
تكلفة أقل بـ”100 شيء صغير”
وطبقت شركة “أميك فوستر ويلر” للخدمات النفطية العاملة مع مجموعة BG التي أصبحت جزءا من شركة “شل” أسلوبا جديدا لإزالة الأعمدة من منصة قديمة وهو إجراء محفوف بالمخاطر في كثير من الأحيان لأن الأجزاء المتآكلة يمكن أن تنزلق وتنفصل عنها.
فقد ضخت الشركة مادة رغوية متنامية لتثبيت أجزاء الأعمدة الأمر الذي سمح للعمال بنقل الأجزاء المعدنية بأمان، واستغرق هذا الأمر ما يزيد قليلا على سبعة أسابيع بدلا من 22 أسبوعا تستغرقها الوسائل التقليدية في العادة.
وفي هذا السياق يرى محلل اسهم شركات النفط والغاز لدى شركة “كناكورد جنيويتي” أليكس بروكس أن الابتكارات التكنولوجية في الصناعة تتعلق بنحو “100 شيء صغير” … والخلاصة أنك تصل في النهاية إلى تكلفة أقل كثيرا”.
وأتاح انخفاض الأسعار فرصا لبعض شركات الخدمات التي يمكنها أن تقدم ابتكارات تخفض التكاليف. وعلى سبيل المثال قالت شركة” سايبرهوك” للطائرات دون طيار التي تقوم بأعمال التفتيش والتفقد إن ايراداتها من النفط والغاز ارتفعت إلى مثليها من منتصف 2014 إلى منتصف 2016 في حين انكمش سوق أعمال التفتيش بصفة عامة.
البيانات والتوقعات والوفورات
ومن الأساليب الأخرى التي تدرسها شركات النفط لخفض التكاليف استخدام ما لديها من بيانات هائلة لتحسين التنبوء باحتياجاتها.
ومنذ انخفاض أسعار النفط بدأت شركات من بينها “شل” و “اكسون موبيل” و “شتات أويل” استخدام برامج كومبيوتر يمكن من خلالها معالجة البيانات بشكل أفضل لخفض الهدر في طلبيات مواد البناء.
فقد وجدت بعض الشركات أن لديها فائضا كبيرا من هذه المواد ومنيت بخسائر ضخمة لأن قيمة إعادة بيعها كانت أقل كثيرا بل واضطر بعضها في بعض الحالات لدفن المواد غير المطلوبة وذلك وفقا لما ذكرته شركة “انترغراف” التابعة لشركة “هكساغون” السويدية التي تطور مثل هذه النظم لعملائها في صناعة النفط.
وفي هذا السياق يوضح نائب الرئيس التنفيذي لشركة انترغراف باريك هولكومب أنه “في السابق كان المعمول به في الصناعة طلب مواد إضافية بنسبة 3 الة 5% زيادة على المطلوب وهو ما يعد مبلغا كبيرا من المال في مشروع قيمته مليار دولار”.
وأضاف: “إن تحسين إدارة البيانات ساعد شركات النفط على تفهم حجم المواد المطلوبة بالضبط ومواعيد تسليمها الأمر الذي قلص الزيادة إلى 0.2 أو 0.3%”.
أما رئيس قطاع الطاقة في دول شمال أوروبا لدى شركة “أكسنتور” الاستشارية غونار بريسوس والذي يقدم المشورة لشركات النفط الكبرى وشركات النفط الوطنية فلفت الى أن انخفاض الأسعار نبه صناعة النفط للأهمية الكامنة في البيانات المخزنة لديها، وقال “إلى حد ما تعد صناعة النفط من أكثر الصناعات استخداما للتكنولوجيا الرقمية. وتستطيع الشركات الآن استخدام ثروة البيانات تلك لتنفيذ تغييرات تحقق وفرا ماليا”.