تكنو طاقةمقالات التكنو طاقة

التكنولوجيا والابتكار يحددان ملامح المستقبل لقطاع النفط والغاز

طالت تأثيرات انخفاض أسعار النفط العالم بأسره، وبالطبع كانت هنا في منطقة الشرق الأوسط أوضح مما بدت في مناطق أخرى. وشهدنا تركيزاً كبيراً على هذه المسألة من قبل الحكومات والمحللين ووسائل الإعلام وقطاع الطاقة على حد سواء. وليست هذه المرة الأولى التي تتأثر فيها أسعار النفط، وبشكل خاص خلال السنوات ال 10 الماضية. لكن على الرغم من هذا الوضع الاقتصادي، سيحافظ النفط على أهميته.
وبغض النظر عن وصول الأسعار إلى ذروتها وتخطيها 140 دولاراً أمريكياً في عام 2008، وانخفاضها إلى 20 دولاراً أمريكياً هذا العام، إلا أن متوسط ​​الاستهلاك العالمي للطاقة على المدى الطويل شهد نمواً ثابتاً تراوحت نسبته بين 1 و2٪ سنوياً. وفي نفس الوقت، يجري تطوير حقول نفط جديدة وزيادة إنتاج الحقول القائمة من خلال ضخ الغاز.
وبشكل متزايد، أصبح استخراج النفط يتطلب الوصول إلى طبقات يصعب بلوغها، سواء في أعماق الأرض أو البحر. وقد وصلنا إلى نقطة مفصلية في تاريخ القطاع، حيث استنفدنا غالبية الموارد النفطية التي يسهل الوصول إليها من الحقول السطحية التي يمكن أن تُنتج النفط بتكلفة أقل، وأصبح إنتاج النفط والغاز اليوم أكثر صعوبة.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك توجهات رئيسية ناشئة في قطاع النفط والغاز ستحدد التكلفة وطرق الإنتاج، فعلى سبيل المثال، من المرجح جداً أن تنتشر أساليب الاستخراج غير التقليدية، كالتكسير الهيدروليكي أو تكسير التشكلات الصخرية التي تحتوي على النفط أو الغاز إلى خارج الولايات المتحدة، في حين سيصبح إنتاج النفط الثقيل من الرمال النفطية صديقاً للبيئة بشكل أكبر وأقل استهلاكاً للطاقة.
وعلى هذا النحو، سيستمر تشغيل الحقول القائمة لفترة أطول مع زيادة عائداتها عن طريق تحسين عمليات استخراج النفط. وبالنسبة لنا في شركة سيمنس، نتوقع أيضاً أن يأتي يوم تتوفر فيه حقول نفط مؤتمتة في قاع البحر، بحيث تعمل دون الحاجة للصيانة لعدة عقود على عمق آلاف الأمتار.
ورغم ذلك، لا يؤثر أي من تلك التوجهات على ارتفاع أسعار النفط والغاز. لكن إذا تم العمل بشكل مستمر على تحسين أساليب الإنتاج، عندها قد تصبح التكاليف متوازنة. وستدرك شركات النفط والغاز صاحبة الاستراتيجيات الجيدة على المدى الطويل أهمية الإنتاج الفعال من حيث التكلفة، وبأن ذلك على الغالب يتطلب تطويراً للتقنيات وتحسيناً في عمليات الإنتاج.
وينبغي أن تكون الأولوية هي تقليل تكلفة الإنتاج، باعتبار ذلك ضرورة ملحة للقطاع وتوجهاً طويل الأمد يرتبط بتطور قطاع الطاقة أيضاً.
وعلى هذا النحو، ما هو مكان التكنولوجيا في هذه المعادلة؟ بعيداً عن النظم والتقنيات التقليدية، تركز شركة سيمنس بشكل أساسي على أتمتة ورقمنة مجموعةٍ من الصناعات التي ستساعد في الحفاظ على الكفاءة وتقليل التكاليف في قطاع النفط والغاز.
وقد استثمرت سيمنس بشكل كبير في مجال الكفاءة وتقليل التكاليف، ونتوقع بأن يسهم ذلك في الحفاظ على التنافسية في قطاع النفط والغاز بمنطقة الشرق الأوسط على مدى العقود المقبلة. فعلى سبيل المثال، نحن حريصون على تحسين سلسلة القيمة المضافة بأكملها من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة تكرير النفط والغاز من خلال استخدام التكنولوجيا الرقمية وأتمتة العمليات التي توفر البيانات، مما يتيح الوصول إلى تحليلات قائمة على أدوات برمجية من شأنها الارتقاء بعملية اتخاذ القرار، مما يقلل التكاليف ويطيل دورة حياة المعدات في شركات النفط والغاز.
ونتوقع أيضاً أن يتوفر المزيد من المعدات المؤتمتة في كافة مراحل سلسلة القيمة للنفط والغاز مستقبلاً. وهناك بالفعل مجموعة واسعة من منتجات الأتمتة لمختلف تطبيقات النفط والغاز؛ بدءاً من وحدات التحكم وأنظمة الشبكات وصولاً إلى أجهزة التحليل والقياس. وتُنتج المعدات المؤتمتة تدفقاً مستمراً للبيانات - كبيانات قياس يمكن استخراجها وجمعها ضمن قاعدة بيانات ضخمة وتحويلها إلى بيانات ذكية من خلال عملية تحليل ذكي. وتساعدنا البيانات الذكية على فهم عمليات الإنتاج بشكل أفضل.
وسيحمل المستقبل الكثير لشركات النفط والغاز التي تتحلى بالشجاعة للابتكار وتجريب طرق جديدة للإنتاج واستخدام الموارد. وبينما تغدو بدائل النفط والغاز قابلة للتطبيق بشكل متزايد، ستشكل الفعالية والكفاءة عوامل جوهرية لضمان أن تحافظ إمدادات النفط الهائلة على قدرة المنافسة مع الموارد المتجددة. وتكتسب مصادر الطاقة المتجددة مزايا اقتصادية أفضل بشكل متزايد، وربما ستتفوق بشكلٍ جزئي على الوقود الأحفوري. وهنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، تهدف أبوظبي إلى توفير 7٪ من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020، في حين ستسعى دبي إلى تحقيق هدف مماثل بنسبة 5٪ بحلول عام 2030.
ومع انخفاض موارد «النفط سهل الاستخراج»، وتوفر بدائل مثيرة للاهتمام وأكثر جدوى، يصبح الطريق إلى المستقبل واضحاً: شركات النفط والغاز بحاجة إلى تقليل تكاليف الإنتاج. وفيما تقوم بعض الشركات بدور ريادي من خلال توفير المزيد من عمليات الأتمتة في حقول النفط واستخدام تحليل البيانات بطرق أكثر ذكاء، نتصور بأن الدور البشري سيتراجع، حيث ستتزايد العمليات الآلية لفتح الصمامات وإغلاقها مستقبلاً. وفي أكثر الأحيان، سيكون القرار للأجهزة فيما يتعلق بعمليات فتح وإغلاق الصمامات دون تدخل بشري، وبذلك قد يكون انتقال العمال إلى منصات النفط البحرية على متن طائرات الهليكوبتر استثناءً وليس القاعدة.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق